Thursday 18 June 2015

الإفخارستيّا عند القدّيس باسيليوس الكبير


بقلم الأرشمندريت سمير نُهرا


1- الإفخارستيّا ذبيحة سلام
يشير القدّيس باسليوس الكبير ان المؤمن يأتي الى مائدة الربّ ليشترك في فرح الملكوت بعد ان يكون قد إمتنع عن الطعام طيلة النهار وحتى الساعة التاسعة وهي ساعة موت الربّ اي الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المدني. فالصوم في الكنيسة الأولى هو إنتقال من الحياة الأرضيّة تخطياً للزمن الى عتبة الأبدية في الإفخارستيّا. أنّه فرح الكنيسة الظافرة وهي تهيء نفسها لعشاء عرس الحمل بتقدمة قربان شكر، تعبّر عنه بعمل رمزي، عن إعتراف شعب الله بسيادته، ولتشكر له إنعاماته وتمجّده وتدخل في إلفة معه، وتجلس على مائدته وقد أُعتقت من الخطيئة والموت، مرنّمة مع الملائكة أناشيد الشكر والتمجيد.

2- شروط المناولة
يرجع القدّيس باسيليوس دائما الى ما ورد في الأنجيل المقدّس وتعليم رسول الأمم. " الذي يتقدّم الى المناولة له إعتبار كبير لأنه يشترك بجسد ودم المسيح، ولا يستفيد شيئاً من يتقدّم دون إستحقاق بل يستوجب الدينونة". لذلك لا يتوانى القدّيس عن سرد الشروط الواجبة للمناولة الحسنة. ففي قوانينه المختصرة يشترط الخوف والإيمان والمحبة. فالخوف لإنّ الرسول بولس يعلّمنا "من يأكل جسد الربّ ويشرب دمه بدون إستحقاق إنما يأكل ويشرب دينونة لنفسه إذا لم يميّز جسد الرب"(1كور 11/29). والإيمان، لإنّ الذي يتناول يثق بكلام معلّمه القائل:" هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم. إصنعوا هذا لذكري"(لو22/19). والمحبّة، "لإنّ محبّة الله تحثّنا"(2كور 5/12).
ويتابع القدّيس ويقول " الذي يتناول يتحتم عليه تغيّيراً جذريّاً...وليتذكّر من يتقدّم الى المناولة موت المسيح وقيامته... وليتذكّر أنه يجب عليه التحلّي بنقاوة الجسد والروح. وأن يعبّر بتعبير واقعي عن الموت عن الخطيئة والعالم والذات بعيشه مع الله...".

3- حضور المسيح الفعلي في القربان
إنّ القدّيس باسيليوس يؤمن إيماناً شديداً وراسخاً بالحضور الحيّ للمسيح في القربان. يقول في إحدى عظاته:" أتجهلون من هو هذا الذي تتناولونه؟ هو نفسه القائل:" إننا نأتي إليه وعنده نجعل مقامنا"(يو 41/23).
إنّ الربّ يسوع قد رسم هذا السرّ العظيم قبيل موته ليكون ذكراً لمحبته العظيمة للإنسان. لذلك سُمي هذا السرّ، سرّ موت المسيح المحي وقيامته من بين الأموات وصعوده الى السماء، وجلوسه عن يمين الآب ورجوعه المجيد الرهيب.
ويركّز القدّيس على التناول المتواتر لأنّه شركة محيية في جسد المسيح ودمه المقدّسين." أنّه لحسن ومفيد جداً أن تتناول 4 مرّات في الأسبوع: يوم الربّ، والأربعاء والجمعة والسبت والأيام الأخرى وخاصة في الأعياد. لأنّ المسيح قال:"من يأكل جسدي ويشرب دمي له الحياة الأبديّة وأنا أقيمه في اليوم الأخير"(يو 6/55).

4- المكان اللائق للإحتفال بالإفخارستيّا
لا يهمل القدّيس باسيليوس النواحي العمليّة في المناولة. ففي القوانين المختصرة طُرح هذا السؤال: هل يجوز الإحتفال بالإفخارستيّا في البيت؟ فيجيب القدّيس:"كلا لا يجوز. ألم يقل القدّيس بولس الرسول:" أفليس لكم بيوت تاكلون فيها. غير إذا إلتزم أحد من باب الضرورة أن يقدّس، فلينتخب في الزمان الموافق، المحل او البيت اللائق لئلا يُهان العشاء السيّدي".

5- المناولة باليد
في الرسالة 93 بعد ان يتكلم عن المناولة المتواترة يطرح هذا السؤال:هل يمكن حين الإضطهاد التناول باليد في غياب الكاهن أو الشمّاس؟ فيجيب:" لا حرج على الإنسان أن يتناول جسد ودم الربّ حين يضطر الى ذلك، خصوصاً في زمن الإضطهادات. في الواقع نحن نعرف أنّ الرهبان في المناسك حيث لا يوجد كاهن، يحتفظون بالقربان ويتناولونه بأيديهم. والبعض من الناس يحتفظ بالقربان في بيته ويتناوله إذا دعت الحاجة الى ذلك".


الأرشمندريت سمير نُهرا
من كهنة أبرشيّة صيدا للروم الملكيّين الكاثوليك
مدير مزار سيّدة المنطرة - مغدوشة - جنوب لبنان


المراجع
1- قراءات عن الإفخارستيّا في تعليم القدّيس باسيليوس الكبير: الأب لورنسيوس فيصل المخلّصي
2-كتابات في الرسائل للقدّيس بالأخص رقم 93

Wednesday 29 April 2015

الإفخارستيّا تبني الرجاء

بقلم الخوري يوسف عسّاف


محبّةُ الله الآب، ونعمةُ الابنِ الوحيد، وشرِكة وحلول الروحِ القدس، مع جميعكم يا إخوتي، إلى الأبد.

1 قور 1/9. "هو الله أمين، دعاكم إلى مشاركة ابنه يسوع المسيح ربِّنا."
1 قور 8/6. "ليس لنا إلاّ إله واحدٌ وهو الآب، منه كلُّ شيء وإليه نصير، وربٌّ واحدٌ وهو يسوع المسيح، به كلُّ شيء وبه نحن أيضًا."
هناك سببان للرجاء: دعانا الله إلى مشاركة ابنه، وهو أمين... لا يسحب دعوته ولا يتراجع عنها؛ ونحن منه وإليه لأنّا خُلِقنا بالمسيح.
من العلاقة مع يسوع وأبيه استمدّ القدّيسون القوّة للتقدّم والثبات في مسيرتهم، مسيرة الحُبّ والبذل.
2 قور 1/19-20. "إنّ ابن الله المسيح يسوع، الذي بشَّرْنا به بينكم، لم يكنْ نعم ولا، بل "نعم" هو الذي تمَّ فيه. إنّ جميعَ مواعدِ الله لها فيه "نعم". لذلك نقول به لله: "آمين"! إكرامًا لمجده."
يسوع هو كلمة متبادَلة بين الله والناس، يقول بها كلّ منهما للآخر: "نعم". فتتحقّق به مواعد الله ويبلغ به الناس كمال الإيمان.
يسوع هو ينبوع رجائنا لأنّه نَعم الله لنا، ونَعمنا لله. فمتى لمسنا فينا الضعف والخجل، نتذكّر أنّ يسوع يقول باسمنا نَعمَه! لذلك نتجاسر على قَول آمين.
2 قور 1/3-7. "3 تَبارَكَ اللّهُ أَبو ربِّنا يسوعَ المسيحِ، أَبو الرَّأفَةِ وإِلهُ كُلِّ عَزاء، 4 فهو الَّذي يُعَزِّينا في جَميعِ شَدائِدِنا لِنَستَطيعَ، بما نَتَلقَّى نَحنُ مِن عَزاءٍ مِنَ الله، أَن نُعَزِّيَ الَّذينَ هُم في أَيَّةِ شِدَّةٍ كانَت. 5فكَما تَفيضُ علَينا آلامُ المسيح، فكَذلِك بِالمسيحِ يَفيضُ عَزاؤنا أَيضًا. 6فإذا كُنَّا في شِدَّة فإِنَّما شِدَّتُنا لِعَزائِكم وخلاصِكم، وإِذا كُنَّا في عَزاء فإِنَّما عَزاؤُنا لِعَزائِكم، فهو يُمَكِّنُكم مِنَ الصَّبْرِ على تِلكَ الآلامِ الَّتي نُعانيها نَحنُ أَيضًا. 7 ورَجاؤُنا فيكُم ثابِت لأَنَّنا نَعلَمُ أَنَّكم تُشارِكوَننا في العَزاءِ كَما تُشارِكوَننا في الآلام."
كما نشترك في آلام المسيح نشترك أيضًا بتعزياته. وسواء كنّا في الضيق أم في التعزية، ففي كِلتا الحالتين نحمل تعزية للمتضايقين.

2 قور 8/1-5. " 1 نُخبِرُكُم، أَيُّها الإِخوَة، بِنِعمَةِ اللهِ الَّتي مَنَّ بها على كَنائِسِ مَقْدونِيَة. 2فإِنَّهُم معَ كَثْرَةِ الشَّدائِدِ الَّتي امتُحِنوا بِها، قد فاضَ فَرَحُهمُ العَظيم وفَقْرُهمُ الشَّديد بِكُنوزٍ مِنَ السَّخاء. 3وأَشهَدُ أَنَّهُم على قَدْرِ طاقَتِهِم، بل فَوقَ طاقَتِهِم وبدافِعٍ مِن أَنْفُسِهِم، 4 سَأَلونا مُلِحِّينَ أَن نَمُنَّ علَيهِم بِالاِشتِراكِ في هذه الخِدمَةِ لِلقِدّيسين. 5فتَجاوَزوا مَا كُنَّا نَرْجوه، فوَهَبوا أَنفُسَهُم لِلرَّبِّ أَوَّلاً، ثُمَّ لَنا بِمَشيئَةِ الله."
نعمةُ الله مُخصِبة، تُحوِّل العقم والمرارة والموت إلى ينابيع حياة كما تحوِّل الشمس العفونة إلى تربةٍ خصبة. هكذا المسيح في ليلة آلامه، رفع أحداث حياته وظروفها إلى الآب بفعل شكر وتسبيح، فتفجّرت الحياة في صميم الألم والموت، والمغفرة في ظلمة الخطيئة وذروتها.
تهيئة القرابين التي يأتي بها الناس. كانت تُقسَم حصصًا: حصّة لحاجات الرسالة، ثانية للفقراء والأرامل وثالثة لخدمة الجماعة والمذبح وخدّامه. فالقربان هو علامة المشاركة. رغم فقرنا الشديد نستطيع أن نعضد مَن هم في ضيق على مثال الصبيّ الذي قدّم ما معه لمَن أشبع الآلاف من بضعة أرغفة وسمكتين. (يو 6/ 1- 15)
نرى اليوم التقادم قد تحوّلت إلى لمّة الصينيّة. التقدمة هي رمز عملنا اليوميّ وعرق وجهنا يتحوّلان بفعل تقدمة المسيح وقوّة الروح القدس إلى ملكوت الله وجسد المسيح.
صحيحٌ أنّ الأرض تنتج لنا حسكًا وشوكًا، فالعامل يشقى من الفجر إلى النجر ولا يجد ما يضمن لعائلته حياةً كريمة. هذا الظلم ليس من طبيعة الحياة بل من صنع الناس، من الجشع والنقص في التضامن. لكنّ الطبيعة لا تزال رغم ذلك تجود بخيراتها... لذلك نرفع تقدمتنا لله الآب بما فيها من خير ومشقّة، عالمين أنّه يستطيع أن يحوّل عمل أيدينا إلى حجارةٍ لبناء ملكوته: أرضًا جديدة وسماءً جديدة.
قبلة السلام
أف 2/11-22. "11 فاذكُروا أَنَّكم بِالأَمس، أَنتُمُ الوَثنِيِّينَ بِالجَسَد، أَنتُمُ الَّذينَ كانَ أَهلُ الخِتانِ يُسَمُّونَهم أَهلَ القَلَف، لأَنَّ جَسَدهم خُتِنَ بِفِعلِ الأَيدي، 12 اُذكُروا أَنَّكم كُنتُم حِينَئذٍ مِن دُونِ المسيح مَفْصولينَ مِن رَعِيَّةِ إِسرائيل، غُرَباءَ عن عُهودِ المَوعِد، لَيسَ لَكم رَجاءٌ ولا إِلهٌ في هذا العالَم. 13أَمَّا الآن ففي المسيحِ يَسوع، أَنتُمُ الَّذينَ كانوا بالأَمْسِ أَباعِدَ، قد جُعِلتُم أَقارِبَ بِدَمِ المسيح.     14 فإِنَّه سَلامُنا، فقَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة وهَدَمَ في جَسَدِه الحاجِزَ الَّذي يَفصِلُ بَينَهما، أَيِ العَداوة ،15وأَلغى شَريعةَ الوَصايا وما فيها مِن أَحكام لِيَخلُقَ في شَخْصِه مِن هاتَينِ الجَماعتَين، بَعدَما أَحَلَّ السَّلامَ بَينَهما، إِنسانًا جَديدًا واحِدًا 16 ويُصلِحَ بَينَهما وبَينَ الله فجَعَلَهما جَسَدًا واحِدًا بِالصَّليب وبِه قَضى على العَداوة. 17 جاءَ وبَشَّرَكم بِالسَّلام أَنتُمُ الَّذينَ كُنتُم أَباعِد، وبَشَّرَ بِالسَّلامِ الَّذينَ كانوا أَقارِب، 18 لأَنَّ لَنا بِه جَميعًا سَبيلاً إِلى الآبِ في رُوحٍ واحِد.      19 فلَستُم إِذاً بَعدَ اليَومِ غُرَباءَ أَو نُزَلاء، بل أَنتُم مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله،20 بُنيتُم على أَساسِ الرُّسُلِ والأَنبِياء، وحَجَرُ الزَّاوِيَةِ هو المسيحُ يسوعُ نَفْسُه. 21فيه يُحكَمُ البِناءُ كُلُّه وَيرتَفِعُ لِيَكونَ هَيكلاً مُقدَّسًا في الرَّبّ، 22 وبِه أَنتُم أَيضًا تُبنَونَ معًا لِتَصيروا مَسكِنًا للهِ في الرُّوح."
كان العالم بالنسبة إلى اليهود مقسومًا اثنين: يهودٌ ووثنيّون، شعب الله والأمم، مختونون وقُلف، قدّيسون وأنجاس... لكنّ المسيح أتى ونقض بجسده جدار العداوة الذي يفصل بين الإثنين ليجمعهما معًا في جسدٍ واحد.
المسيح سلامنا، وهذا السلام الذي أحلّه كلّفه حياته. لذلك قال لنا: "سلامي أُعطيكم، لا كما يُعطيكموه العالم" (يو 14/27).
لم يعد هناك غرباء ولا حتّى ضيوفًا بل صرنا مواطني السماء وأهل بيت الله!
بسبب هذا السلام الذي حقّقه يسوع إذ جمعنا في جسدٍ واحد، نتلو التذكارات بعد استدعاء الروح القدس الذي يحوّلنا جميعًا إلى جسد المسيح الواحد. فالتذكارات ليست مجرّد نوايا من أجل مَن نذكرهم بل هي تذكارٌ يجعلنا نعي وحدتنا مع جميع مَن نذكرهم.

إنتظار تجلّي الربّ
1 قور 1/7-8. "7 حتَّى إِنَّه لا يُعوِزُكم شَيءٌ مِنَ الهِبات، وأَنتُم تَنتَظِرونَ تَجَلِّيَ رَبِّنا يسوعَ المسيح، 8 وهُو الَّذي يُثَبِّتُكُم إِلى النِّهايَة حتَّى تَكونوا بِلا عَيبٍ يَومَ رَبِّنا يسوعَ المسيح."
يُفيض الله الهِبات ويعطي الثبات في انتظار مجيء يوم ربِّنا يسوع المسيح. فنحن لا ننتظر يوم ربّنا مكتوفي الأيدي بل ونحن نستثمر عطايا الله، ثابتون من دون عيب.
ما أمجد يومك يا ربّنا، تأتي فيه بالمجد لتنير غربتنا وتنهيها فتوصلنا إلى الوطن السماويّ. يا لدَهشنا إذّاك لأنّا سنكتشف في النور أنّك لم تفارقنا قطّ، وأنّ الوطن الذي ننتظره يقيم في أعماقنا.
ننتظر مجيئك الثاني كلّنا. هذا الإنتظار نحياه في الرجاء الملتزم. لأنّ الآتي إلينا هو نفسه رفيقنا في حياتنا اليوميّة، وهو سيأخذ ما زرعناه في عالمنا كي يبني به عالمه.
إستجبنا يا ربّ (3)، وليأتِ روحك الحيّ القدّوس ويحلّ علينا وعلى هذا القربان... فيجعل هذا الخبزَ جسدَ المسيح إلهنا، ويحوِّل مزيج هذه الكأس إلى دم المسيح إلهنا؛
ونحن؟؟!!!
2 قور 1/21-22. "إنّ الذي يُثبّتنا وإيّاكم للمسيح، والذي مسحنا هو الله، وهو الذي ختمنا بختمه وجعل في قلوبنا عربون الروح."
يثبّت الله الرسول والمؤمنين، وذلك بمسحة الروح القدس وختمه. هذا الروح هو الذي يصوِّر المسيح فينا كما صوّره في أحشاء مريم، وهو يوحّدنا به ويحوّلنا إلى جسده.
2 قور 3/18. "نحن جميعًا نعكس صورة مجد الربّ بوجوهٍ مكشوفة كما في مرآة، فنتحوَّل إلى تلك الصورة ونزدادُ مجدًا على مجد، وهذا من فضل الربّ الذي هو روح."
الشعبُ السالكُ في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا؛ لأنّك وأنت النور الحقّ قد اخترتَ أن تقيمَ في بشريّتنا فنستنيرَ من داخل ونتحوَّل إلى شموسٍ تُضيءُ في ظلماتِ العالم.

للصلاة الشخصيّة
أف 3/14-21. "14لِهذا أَجْثو على رُكبَتَيَّ لِلآب،15فمِنه تَستَمِدُّ كُلُّ أُسرَةٍ اسمَها في السَّمَاءِ والأَرْض، 16 وأَسأَلُه أَن يَهَبَ لَكم، على مِقدارِ سَعَةِ مجْدِه، أَن تَشتَدُّوا بِروحِه، لِيَقْوى فيكمُ الإِنسانُ الباطِن، 17 وأَن يُقيمَ المسيحُ في قُلوبِكم بالإِيمان، حتَّى إِذا ما تأَصَّلتُم في المَحبَّة وأسِّستُم علَيها، 18 أَمكَنَكم أَن تُدركوا مع جَميعِ القدَّيسين ما هو العَرْضُ والطُّول والعُلُوُّ والعُمق، 19وتَعرِفوا مَحبَّةَ المسيحِ الَّتي تَفوقُ كلَّ مَعرِفة، فتَمتَلِئوا بِكُلِّ ما في اللهِ من كَمَال. 20 ذاكَ الَّذي يَستَطيعُ، بِقُوَّتِه العامِلَةِ فينا، أَن يَبلُغَ ما يَفوقُ كثيرًا كُلَّ ما نَسأَلُه أَو نَتصَوَّرُه، 21 لَه المَجْدُ في الكَنيسةِ وفي المسيحِ يسوع على مَدى جَميعِ الأَجْيالِ والدُّهور. آمين."
1. أضع ذاتي في حضرة الله، وأردّد: يا ربّ، أنت تعرفني، تبحث عنّي وتحبّني!
2. أطلب نعمة: الثبات في الرجاء!
3. أقرأ النصّ عدّة مرّات وأتوقّف عند الكلمة التي تستوقفني.
4. أحوِّل النصّ من مخاطبة مؤمني أفسس إلى مخاطبة الآب، وبدلاً من أهل أفسس أذكر مَن أشاء.
5. الله هو ينبوع كلّ أسرة في السماء وعلى الأرض، هو الأب الحقيقيّ... فكيف أعيش البنوّة له؟
6. أختم بمناجاة ثمّ صلاة لفظيّة.


الخوري يوسف عسّـاف
من كهنة أبرشيّة بيروت المارونيّة
ومن جمعيّــة كهنة برادو الشرق




يندرج هذا المقال ضمن إطارحملة «الحضور الحقيقي»، 
أطلق تجمّع خليقة جديدة، في تشرين الثاني 2014، مستلهماً قول البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني: «أيها المؤمنون، أعيدوا اكتشاف سرّ الإفخارستيّا كنور وقوّة لحياتكم اليوميّة في العالم»، حملة لمدة خمس سنوات لإعادة اكتشاف سرّ الإفخارستيّا، بعنوان: الحضور الحقيقي.
تهدف الحملة الى زيادة معرفة مسيحيّي الشرق الأوسط بحضور يسوع الحقيقي في سرّ الإفخارستيّا. ماذا يعني(هذا السرّ/الحضور)؟ كيف ولماذا يحوّلنا؟ وإبراز ما لهذا الحضور من أهميّة وما لفقدان الإيمان به من تبعات على حياة الكنيسة والمجتمعات وعلى الحياة الروحيّة الخاصّة.

Wednesday 25 February 2015

الإفخارستيّا في تعليم يوحنّا الذهبي الفم


بقلم الأرشمندريت سمير نُهرا

تعليمه في الإفخارستيّا
إنّ الإفخارستيّا هي " منبع الحياة المسيحيّة كلها وقمتها، لإنّها تحتوي على كنز الكنيسة الروحي بأجمعه الذي هو المسيح بالذات". هذا هو إختبار الكنيسة وتعليمها على مدى الأجيال تستمده من منبعه الإلهي وتعليم الرسل والآباء القدّيسين.
إنّ الذهبي الفم هو أصدق شاهد على تعليم الكنيسة في موضوع الإفخارستيّا في العهود المسيحيّة القديمة. وقد أُطلق عليه أسم "ملفان الكنيسة ومعلّم الإفخارستيّا" . فهو كثيرا ما يتكلم عن هذا السرّ بدقّة ما بعدها دقّة.

بعض أقواله في الإفخارستيّا
" إنّ المسيح جعل نفسه يتحوّل الى فتات خبزٍ لكي يُشبعنا. فمن يريد أن يتقدّم من هذا السرّ عليه ان يتّقي الله بخوف".
إنه يسمّي الإفخارستيّا "الأسرار الرهيبة المحيّية والإلهيّة" ." لذلك هي تتطلب الإحترام والإرتجاف لأنّها ذبيحة رهيبة مقدّسة".
يقول عن الهيكل:"إنّ المسيح يستريح هنا مذبوحاً، وما في الكأس هو ذاك نفسه الذي سال من جنب المسيح، وخبز التقدمة هنا هو نفسه جسد المسيح".
"إعتبر أيها الإنسان ما هذا اللحم الذبائحي الذي تحمله بيدك، ومن أي طاولة تقترب، تذكّر مع كونك تراباً ورماداً انك تأخذ حقاً جسد المسيح ودمه".
أما عن دور الخدّام فيقول:" الخادم هو الذي يقدّم القرابين وينطق بكلمات المسيح نفسها، إلا انّ المسيح نفسه هو يبارك ويقدّس ويحوّل بالروح القدس هذه القرابين الى جسده ودمه، إذ ليس هناك من إنسان مهما تقدّس وسما يقدر ان يحوّل بقدرته القرابين الى جسد المسيح ودمه...".
"عندما ترى الكاهن يسلّمك الأقداس لا تظن أنه هو الذي يفعل ذلك، أنما يد المسيح تُبسط لك". 
يقول الذهبي الفم رداً على ما يقوله الناس: " يا حبذا لو كنا على أيام المسيح، لكنّا رأيناه كما هو بثيابه ونعليّه وكلماته... ها انت تراه وتلمسه وتتناوله حقاً، إنك تريد أن ترى ثيابه، أما هو فإنه يعطيك ذاته لا لكي تراه بعين الجسد بل لتلمسه وتتناوله وتتقبله فيك".
"الإفخارستيّا رحلة الى السماء، إنه دم المسيح فتح لنا الطريق، به نقترب من الله ونصير في السماء. بل ماذا اريد من السماء أن كنتُ أرى ربّ السماء وصرت أنا نفسي سماء".
إنّ الذهبي الفم يشجع المؤمنين الذين يتعرضون لهجمات الشرير ويحثهم على التقدّم من الإفخارستيّا. يقول: "حينما تتناول بإستحقاق وضمير طاهر، تهرب الشياطين خائرة أول ما ترى فينا الدم الإلهي. وأمّا الملائكة فتقترب وتسجد. إنّ الذين يتناولون يصيرون ملازمين ملائكة السماء. يلبسون ثوب المسيح ملكهم ويحملون أسلحة النور".
واما عن اهمية المشاركة في الصلاة والإفخارستيّا مع الجماعة كان الذهبي الفم يحزن من الذين يستمعون الى العظات ولا يشاركون في الإفخارستيّا، او الذين قنعوا أنفسهم بالإكتفاء بالصلاة في البيت. يقول:" إنك تخدع نفسك يا إنسان، وأن كنت تصلّي في البيت وحدك لكنك لا تدري كم ستكون إستجابة الله قويّة في الشركة مع إخوتك... إنّ صلاة الجماعة تصل الى السماء... المائدة الواحدة معدّة للجميع... المشرب الواحد مقدّم للجميع...بل نشرب من كأس واحدة، الأمر الذي يعبّر عن حب متّسع... الكنيسة تحمل قداسة المسيح وبرّه. إنها العروس البريئة من كل عيب للعروس الإلهي القدّوس".
وأمّاعن الإرتباط بين الجسد المذبوح واعضاء جسد المسيح المتالمة والجائعة فيقول:" اتريد ان تكرّم جسد المسيح الذبيح لا تتغافل عنه وهو عريان".
ويوبّخ القدّيس الذين يهتمون بتقديم الستائر الحريريّة والكؤوس الذهبيّة تكريماً للذبيحة ويتركون الفقراء جسد المسيح في عوز.
إنّ الذهبي الفم يشجعنا على التناول والتمتع بالمواهب السماويّة، لكنه يحزن أن يعتاد الناس على التناول بغير توبة ولا إستعداد. يقول:" كثيرون أمعنوا في الجهالة والتهاون العظيم، فيتقدمون لتناول الأسرار المقدّسة مملوئين بالخطايا وغير مهتمين لنفوسهم وغير عالمين أنّ المناولة تتطلّب الضمير النقي والاستعداد اللائق والحياة التي لا عيب فيها".

ختام
إن يوحنا أكثر من الكلام عن سرّ الإفخارستيّا وشهد بأمانة وفي وضوح للحضور الحقيقي للربّ يسوع المقرَّب والمقرِّب. وعرف كيف يسحب قلوب الكثيرين الى مذبح الله والتقدّم الى المقدّسات الالهيّة. تارة يجتاز بهم الى الجلجلة ليروا الجسد المبذول، وأخرى يرتفع بهم الى السماء ليدركوا سماوية السرّ محاطاً بالطغمات السماويّة وهو في شركة مع الأرضيّين، وأيضاً يهيب بالمتقدمين الى المناولة ليقفوا يإيمان وخوف ومحبّة أمام العرش الإلهي... وأخيراً يخرج بهم الى الشوارع والطرقات ليوضح لهم أنّ الفقراء والمعوزين هم جسد المسيح الجائع والعريان يتألم كل يوم.


الأرشمندريت سمير نُهرا
من كهنة أبرشيّة صيدا للروم الملكيّين الكاثوليك
مدير مزار سيّدة المنطرة - مغدوشة - جنوب لبنان



يندرج هذا المقال ضمن إطار حملة "الحضور الحقيقي"، حملة لمدة خمس سنوات لإعادة إكتشاف سرّ الإفخارستيّا، وتحديدا هو المقال الأول ضمن سلسلة مقالات، بقلم الأرشمندريت سمير نُهرا، تعرض لأقوال وتعاليم اباء الكنيسة حول الإفخارستيّا. 

Sunday 1 February 2015

الإفخارستيّا مكان تأنسن 1



الإفخارستيّا مكان تأنسن (1)
بقلم الأب يوسف عسّاف




لماذا نذهب إلى الكنيسة؟ من أجل القدّاس! ولكن، لماذا القدّاس؟
نرى لدى كثيرٍ من الناس، خاصّةً لدى الشبيبة، تهرّبًا من القدّاس. نسألهم عن السبب فيُجيبون: لا يعجبنا الكاهن؛ أو: لا نعرف التراتيل؛ أو: مَن يحضر الفيلم عينه أسبوعيًّا...
كلّها حجج تنبع من مصدرٍ واحد: لا نعرف ماهيّة القدّاس! فهو ليس صنع الكاهن ولا الجوقة، وهو ولو تكرّرت نصوصه إلاّ أنّه يأتينا دائمًا بجديد لأنّه يبنينا في البنوّة الإلهيّة. هل نؤمن حقًّا بعمل الله وبحميميّته التي تفوق إدراكنا؟
يبقى هناك أمرٌ آخَر: هل أحاول أن أحيا يوميًّا كابنٍ لله؟ ماذا تفيدني ساعة رياضة أسبوعيّة إن كنت لا أنتبه إلى طعامي؟ ماذا تفيدني ساعة قدّاس إن كنت لا أسمح لله أن ينير حياتي كلّها؟
سننظر في مقالاتٍ ثلاثة إلى القدّاس كمكان تنمو فيه إنسانيّتنا وتزدهر، وذلك من خلال الإيمان والرجاء والمحبّة.


الإفخارستيّا درب الإيمان

روم 10/9-15
9 فإذا شَهِدتَ بِفَمِكَ أَنَّ يسوعَ رَبّ، وآمَنتَ بِقَلبِكَ أَنَّ اللّهَ أَقامَه مِن بَينِ الأَموات، نِلتَ الخَلاص. 10فالإِيمانُ بِالقَلبِ يُؤَدِّي إِلى البِرّ، والشَّهادةُ بِالفمِ تُؤَدِّي إِلى الخَلاص، 11 فَقَد وَرَدَ في الكِتاب: « مَن آمَنَ بِه لا يُخْزى» . 12فَلا فَرْقَ بَينَ اليَهودِيِّ واليُونانِيّ، فالرَّبُّ رَبُّهم جَميعًا يَجودُ على جَميعِ الَّذينَ يَدعونَه. 13 « فكُلُّ مَن يَدْعو بِاسمِ الرَّبِّ يَنالُ الخَلاص» . 14كَيفَ يَدْعونَ مَن لم يُؤمِنوا بِه؟ وكَيفَ يُؤمِنونَ بِمَن لم يَسمَعوه؟ وكَيفَ يَسْمَعونَه مِن غَير ِمُبَشِّر؟ 15وكَيفَ يُبَشِّرونَ إِن لم يُرسَلوا؟ وقَد وَرَدَ في الكِتاب: «ما أَحسَنَ أَقدامَ الَّذينَ يُبَشِّرون!» 

إيمانٌ في القلب وشهادةٌ بالفم. أومن فأشهد. لكن قبل أن أومن، عليّ أن أسمع، وحتّى أسمع يجب أن يكون هناك مَن يبشِّر، وهذا لن يستطيع تبليغ البشارة إن لم يُرسَل.
إذًا: هناك مَن يرسِل الشهود، هؤلاء يعلنون البشارة فأسمعها فأومن وأعترف بما به آمنت فيسمع الآخرون فيؤمنون فـ...

متى 28/16-20
16وأَمَّا التَّلاميذُ الأَحَدَ عَشَر، فذَهبوا إِلى الجَليل، إِلى الجَبَلِ الَّذي أَمَرَهم يسوعُ أَن يَذهَبوا إِليه. 17فلَمَّا رَأَوهُ سَجَدوا له، ولكِنَّ بَعضَهُمُ ارْتابوا. 18فَدَنا يسوعُ وكَلَّمَهم قال: «إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض. 19فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، 20وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم».

أمر المسيح تلاميذه أن يذهبوا إلى الجبل في الجليل وهناك أظهر لهم ذاته فسجدوا له رغم ارتياب بعضهم. في إطار السجود والعبادة نسمعه يُرسلهم: «اذهبوا وتلمذوا جميعَ الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كلَّ ما أوصيتُكم به، وهاءَنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم».
العبادة هي إذًا المكان حيث يسمع التلاميذ تفويضًا بالرسالة: هكذا فرز الروح القدس برنابا وشاول (رسل 13/1-3) في إطار العبادة والصوم. لذلك تصير الرسامات الإكليريكيّة ضمن القدّاس.

1 قور 11/23-26
23 فإِنِّي تَسَلَّمتُ مِنَ الرَّبِّ ما سَلَّمتُه إِلَيكُم، وهو أَنَّ الرَّبَّ يسوع في اللَّيلَةِ الَّتي أسلِمَ فيها أخَذَ خُبْزًا 24 وشَكَرَ، ثُمَّ كَسَرَه وقال: «هذا هو جَسَدي، إِنَّه مِن أَجْلِكُم .اِصنَعوا هذا لِذِكْري». 25 وصَنَعَ مِثلَ ذلكَ على الكَأسِ بَعدَ العَشاءِ وقال: «هذه الكَأسُ هي العَهْدُ الجَديدُ بِدَمي. كُلُّمَا شَرِبتُم فاصنَعوه لِذِكْري».26 فإِنَّكُمَ كُلَّمَا أَكَلتُم هَذا الخُبْز وشَرِبتُم هذِه الكَأس تُعلِنونَ مَوتَ الرَّبِّ إِلى أن يَأتي.

الإفخارستيّا هي تذكار يسوع، لكنّنا بدلاً من أن نكتفي بالكلام على هذا التذكار، نقوم بإعلانه بالحركة والكلمة معًا. فالقدّاس كلّه إعلان ليسوع، والقربان هو كلمة تعطى لنا فنأكلها غذاءً للإيمان.
يتحقّق هذا الإعلان خاصّةً في القسم الأوّل من القدّاس، قسم الكلمة، حيث نعلن تدبير الله الخلاصيّ في الحسّاية (صلاة الغفران) ثمّ نصغي إلى القراءات المقدَّسة ثمّ إلى العظة. فقبل أن نأكل الكلمة نصغي إليها ونصلّيها. صلواتنا هي إعتراف لما آمنّا به سابقًا، وإصغاؤنا هو من أجل إذكاء هذا الإيمان... ولا يزال الربّ يسوع هو مَن يرسل الشهود ويُرسلنا كما أرسله الآب، أو بالحريّ: امتدادًا لرسالته.
«أيّها الربّ القدّوس الذي لا يموت، قدّس أفكارنا ونقِّ ضمائرنا فنسبّحك تسبيحًا نقيًّا ونصغي إلى كتبك المقدّسة، لك المجد إلى الأبد. آمين».
يسبق التسبيح الإصغاء لأنّنا لو لم نسمع قبلاً لما كنّا أتينا اليوم إلى هذه الخدمة الإلهيّة، لكنّنا لن نذهب من دون أن نتعرَّض إلى إصغاءٍ أعمق فينمو إيماننا وينضج.


للصلاة الشخصيّة
    
لو 1/26-38
26وفي الشَّهرِ السَّادِس، أَرسَلَ اللهُ الـمَلاكَ جِبرائيلَ إِلى مَدينَةٍ في الجَليلِ اسْمُها النَّاصِرَة، 27إِلى عَذْراءَ مَخْطوبَةٍ لِرَجُلٍ مِن بَيتِ داودَ اسمُهُ يوسُف، وَاسمُ العَذْراءِ مَريَم. 28فدَخَلَ إلَيها فَقال: « إفَرحي، أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ». 29فداخَلَها لِهذا الكَلامِ اضطرابٌ شَديدٌ وسأَلَت نَفسَها ما مَعنى هذا السَّلام. 30فقالَ لها الـمَلاك: « لا تخافي يا مَريَم، فقد نِلتِ حُظوَةً عِندَ الله.31فَستحمِلينَ وتَلِدينَ ابناً فسَمِّيهِ يَسوع. 32سَيكونُ عَظيماً وَابنَ العَلِيِّ يُدعى، وَيُوليه الرَّبُّ الإِلهُ عَرشَ أَبيه داود، 33ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ أَبَدَ الدَّهر، وَلَن يَكونَ لِمُلكِه نِهاية». 34فَقالَت مَريَمُ لِلمَلاك: « كَيفَ يَكونُ هذا وَلا أَعرِفُ رَجُلاً ؟» 35فأَجابَها الـمَلاك: « إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَينزِلُ عَليكِ وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ، لِذلِكَ يَكونُ الـمَولودُ قُدُّوساً وَابنَ اللهِ يُدعى. 36وها إِنَّ نَسيبَتَكِ أَليصابات قد حَبِلَت هي أَيضاً بِابنٍ في شَيخوخَتِها، وهذا هو الشَّهرُ السَّادِسُ لِتِلكَ الَّتي كانَت تُدعى عاقِراً.37فما مِن شَيءٍ يُعجِزُ الله». 38فَقالَت مَريَم: « أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ». وَانصرَفَ الـمَلاكُ مِن عِندِها.

1. أضع ذاتي في حضرة الله، وأردّد: أهّلني يا ربّ أن أشعر بقوّة كلمتك!
2. أطلب نعمة: يا ربّ، زِدني إيمانًا!
3. أقرأ النصّ عدّة مرّات وأتوقّف عند الكلمة التي تستوقفني.
4. هناك حوار بين الملاك ومريم، مريم في مسيرة إصغاء وتمييز لمشيئة الله. أحاول الدخول في هذا الحوار والشعور بهذه المسيرة.
5. وأنا، كيف تصلني كلمة الله؟ عبر أيّ وساطات؟ كيف أتلقّاها؟ وكيف أحيا مسيرة التمييز؟
6. جواب مريم: هاءَنا أمة الربّ!؛ وأنا، ما هو جوابي؟
7. أختم بمناجاة ثمّ صلاة لفظيّة.


الخوري يوسف عسّـاف
من كهنة أبرشيّة بيروت المارونيّة
ومن جمعيّــة كهنة برادو الشرق






يندرج هذا المقال ضمن إطارحملة «الحضور الحقيقي»، 
أطلق تجمّع خليقة جديدة، في تشرين الثاني 2014، مستلهماً قول البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني: «أيها المؤمنون، أعيدوا اكتشاف سرّ الإفخارستيّا كنور وقوّة لحياتكم اليوميّة في العالم»، حملة لمدة خمس سنوات لإعادة اكتشاف سرّ الإفخارستيّا، بعنوان: الحضور الحقيقي.
تهدف الحملة الى زيادة معرفة مسيحيّي الشرق الأوسط بحضور يسوع الحقيقي في سرّ الإفخارستيّا. ماذا يعني(هذا السرّ/الحضور)؟ كيف ولماذا يحوّلنا؟ وإبراز ما لهذا الحضور من أهميّة وما لفقدان الإيمان به من تبعات على حياة الكنيسة والمجتمعات وعلى الحياة الروحيّة الخاصّة.