تجمّع "خليقة جديدة"
إذا
كان احد في المسيح، فهو خليقة جديدة.(2كور 5/17)
"جئنا لنسجد له"(متى2/2)
30
يوم سجود ليسوع، مع مريم، من أجل السلام في الشرق الأوسط والعالم
مقدّمة:
يتكلّم
التقليد المسيحيّ عن ولادات عدّة للمسيح: في حشا مريم، في ماء الأردنّ، في القبر،
في قلوبنا بالنعمة وفي القربان المقدّس. يهمّنا الآن ولادتان: من حشا مريم وفي
القربان، وهاتان الولادتان هما من أجلنا. الأولى تجسّد فيها في البتول
مريم، فأعطته من لحمها ودمها، والثانية بعد موته وقيامته إذ وهبنا جسده ودمه
المحيين في أعجوبة الأعاجيب، في القربان المقدّس، حيث نعطيه من تعب أيدينا وعرق
جبيننا. ولد ليكون بيننا، مات وقام وأبى أن يفارقنا فكان سرّ الإفخارستيّا.
هو حاضر معنا ولأجلنا، وكم هو ثمين على قلب الفادي أن نتواصل معه في وقت نخصّصه
له، للسجود أمامه، نستمدّ خلاله السلام في قلوبنا ونقرّب الشرق الأوسط والعالم
لحضرته فيباركهما. ونقول مع البابا بندكتوس السادس عشر: "نتوجّه
إلى مريم، متّكلين على شفاعتها المستمرّة، كي
تمكّننا من أن نحصل من الابن على كلّ نعمة ورحمة ضروريّتين لحجِّنا على دروب
العالم. إلى الذي يحكم العالم ويحمل مصائر الكون نحن نتوجّه بثقة، بواسطة مريم
العذراء". فيصبح السجود أمام القربان المقدّس عناقاً يلامس الكيان
واتحاداً يداوي الجراح ويمحو الآثام ويجدّد الإنسان فيزهر الشرق والعالم سلاماً
لا يقوى عليه شرّ ولا تمحوه شدّة، وكما قال البابا يوحنا بولس الثاني: "تكمن
الطريقة الأفضل والأكثر ثباتاً وفعاليةً من أجل إرساء سلام دائم على وجه الأرض،
في القوّة العظيمة التي تنبع من سجود مستمرّ للقربان المقدّس."
إنطلاقاً
مما تقدّم، يدعو تجمّع خليقة جديدة المؤمنين كافة للمشاركة
في نشاط حج وسجود: "جئنا لنسجد له"، 30 يوم سجود وصلاة ليسوع، مع مريم، أي في بيوتها وفي شهرها، من أجل
السلام في الشرق الأوسط والعالم.
اولاً: النشاط
"جئنا لنسجد له" هو برنامج سجود لـمدة شهر، 18 ساعة يومياً.
تُوزّع الأيام على المزارات، الرعايا، الأديار والمراكز المريميّة. تتمحور حول
اللقاء بيسوع المسيح في القربان والسجود أمامه، والصلاة مع مريم في بيوتها
وفي شهرها، على نيّة واحدة: السلام في الشرق الأوسط والعالم.
"جئنا لنسجد له"هو ايضا برنامج حج. فالمؤمنون مدعوّون للحج الى المزارات المريميّة خلال
نهايات الأسابيع الواقعة ضمن الفترة المحددة، ليلتقوا جميعا ويصلوا سويا من أجل
السلام، بشفاعة مريم ومعها، حول يسوع المسيح في القربان.
ثانياً: الزمان
يبدأ حج- سجود "جئنا لنسجد له" يوم
الأربعاء 1 أيار 2013 وينتهي في 30 ايار، عيد خميس الجسد.
ثالثاً: المكان
كل بيوت مريم : المزارات، الرعايا، الأديار والمراكز
المريميّة مدعوة لتشارك.
رابعاً: التنفيذ
يُصمد القربان يومياً من الساعة السادسة صباحا حتى منتصف
الليل(18 ساعة).
تلتزم الاماكن التي تبغي المشاركة بيوم واحد على الأقل (وهكذا
تُوزّع الأيام الثلاثون على العديد من الأمكنة).
أمّا يومي السبت والأحد، فيمكن أن يبدأ السجود يوم السبت
عند الساعة السادسة صباحا ويستمر من دون توقف حتى منتصف ليل الأحد ومن المفضّل ان
يتم في أحد المزارات المريميّة.
المؤمنون كافة،
كهنة وعلمانيّون، من كل المناطق والرعايا، مدعوّون للاتّحاد في الصلاة وطلب
السلام، بشفاعة مريم ومعها، من رئيس السلام، يسوع المسيح، القائم من الموت
والحاضر ابداً في القربان المقدّس.
مختلف الجماعات الروحية والحركات الرسولية، وبخاصة
المريميّة منها، مدعوة في هذه الايام الثلاثين، لإحياء ساعات سجود: صلاة، تأمل،
ترنيم وصمت امام يسوع في القربان، في مختلف الأماكن المشارِكة وأيضاً في
المزارات ومراكز الحج المريميّة.
رابعاً: المحاور ومواضيع التأمل
تُوزَّع مواضيع التأمل على 4 محاور:
1-
حضور يسوع الحقيقي في الأفخارستيا
2-
يسوع والسلام
3-
مريم ، المتأّمّلة والشفيعة
4-
الانسان والسلام
تهدف هذه المحاور الى خلق أرضيّة مشتركة، على الصعيدين
الفردي والجماعي، لكل الذين سيشاركون بهذا النشاط.
1-المحور الأول: حضور يسوع الحقيقي في الأفخارستيا
أ-
"طريقة
حضور المسيح تحت الاشكال الافخارستية طريقة فريدة، ترفع الافخارستيا فوق جميع
الاسرار، وتجعل منها "كمال الحياة الروحية والغاية التي تهدف اليها جميع
الاسرار"(توما الاكويني). فسر الافخارستيا الأقدس يحتوي حقا ً وحقيقيا ً
وجوهريا ً جسد ربنا يسوع المسيح ودمه مع نفسه وألوهيته، ومن ثم، فهو يحتوي
المسيح كله كاملا ً" ( كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية عدد
1374).
2- المحور الثاني: يسوع والسلام
أ – يسوع رئيس السلام، ينبوعه وجوهره
يرسم لوقا في انجيله صورة يسوع الملك رئيس السلام أي مصدر السلام.
عند ولادته أعلنت
الملائكة: "المجد لله
في الأعالي وعلى الأرض السلام..." (لوقا 14:2) .
وعند دخوله أورشليم هتف الشعب: "مبارك الملك الآتي باسم الرب. سلام في السماء ومجد في
الأعالي" (لوقا 38:19.)
يسوع نفسه قال
للمرأة النازفة التي شفيت عندما لمسته :"يا ابنتي إيمانك قد شفاك. اذهبي بسلام وكوني صحيحة من
دائك." واستعمل التعبير نفسه عندما غفر خطايا المرأة
الخاطئة النادمة التي مسحت قدميّه بشعرها: "إيمانك قد خلّصك. اذهبي بسلام." مؤكِّدا أن
السلام الذي يمنحه هو يفوق ما نعرفه عن معنى السلام بمعنى امتناع الحرب؛ لكنه سلام
يعبّر عن طبيعة الله وحضوره في حياة البشر.
إنه سلام نابع من طبيعة المسيح الإلهية يدخل الى صلب طبيعة الانسان فيصير هو ايضا ً ليس فقط
طالبا ً للسلام، بل صانعا ً له : "طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون"(متى5\8).
يسوع المسيح
يَنبوع
السلام وجوهره فهو يخاطبنا مؤكداً:
"سلاما ً اترك لكم، سلامي اعطيكم، ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا. لا تضطرب
قلوبكم ولا ترهب"(يو14\17).
ب- إِنَّ السَّلامَ لَيْسَ حُلُمًا،
وَلا وَهما: إِنَّه مُمكِنٌ.
اللهُ ذاتُه، في الوَاقِعِ- بواسطَةِ
تَجَسُّد الابنِ وبالفِداء الَّذي حَقَّقهُ- قد دَخَلَ في التَّارِيخِ صانعًا
خَلِيقَةً جَدِيدَةً وعَهدًا جَديدًا بَينَ الله والإنسان (رَاجِع: إر 31/ 31-34)،
ومُعطِيًّا لَنَا إمكانية الحُصول على "قلبٍ جَديدٍ" و"روحٍ
جَديدَةٍ" (رَاجِع: حز 36/ 26). ولِهَذَا السبب عَينه، فالكَنِيسَةُ مقتنعة
بضَرُورَةِ التَبشيرِ مُجَدَّدًا بيسوعَ المَسِيحِ، الفَاعِل الأوَّل والأساسيّ في
التَقدُّمِ الشَّامِلِ لِلشُعُوبِ وَفي السلامِ أيضًا. فيسوعُ، بالحَقِيقة،
هُوَ سلامُنَا، وَعَدلنا، ومصالحتنا (رَاجِع: أف 2/ 14؛ 2 كو 5/ 18). ... إنَ
كُلَّ شَخْصٍ وكُلَّ جَماعَةٍ – دِينِيّةٍ، مَدَنِيّةٍ، تربَويَّةٍ وَثقَافِيَّةٍ
هِي مَدْعُوَّةٌ لِلعَمَلِ مِن أَجْلِ السَّلامِ ( رسالة البابا بندكتوس 16 في
اليوم العالمي للسلام 2013، عدد 3).
3- المحور الثالث: مريم ، المتأّمّلة والشفيعة
أ –
مريم المتأمّلة
يكرِّر لوقا الإنجيليّ عدّة مرّات “أمّا مريم
فكانت تحفظ هذه الأمور كلّها، وتتأمّلها في قلبها” (لوقا
2/ 19). مَن يحفظ لا ينسى، فهي متنبِّهة إلى كلّ ما قاله لها الربّ وصنعه،
وتتأمّله، أي إنّها تتواصل مع عدّة أمور، وتتعمّق بها في قلبها.
نحن
منشغلون في زمننا بالعديد من الأنشطة والالتزامات والهموم والمشاكل؛ وغالبًا ما
نميل إلى ملء كلّ فسحات النهار، من دون الحصول على وقت للتوقّف والتأمّل وتغذية
الحياة الروحيّة والصلة مع الله. تُعلّمنا مريم كم هو ضروريّ العثور في
أيّامنا، وسط جميع الأنشطة، على أوقات نختلي فيها بأنفسنا، في الصمت وفي تأمّل
ما يريد الربّ أن يعلّمنا، وكيف أنّه حاضر ويعمل في العالم وفي حياتنا. علينا
أن نتوقّف لوقت ما ونتأمّل. ( عيد انتقال السيّدة العذراء2011 - تعليم تعليم للبابا بندكتوس
16)
ب – مريم الشفيعة
نتوجّه إلى
مريم، متّكلين على شفاعتها المستمرّة،
كي تمكّننا من أن نحصل من الابن على كلّ نعمة ورحمة لازمة لحجِّنا على دروب
العالم. نحن نتوجّه بثقة إلى الذي يحكم العالم ويحمل مصائر الكون، بواسطة مريم
العذراء ومعها. ونحن ننظر إليها، ونقتدي بإيمانها، في الاستعداد الكامل لمشروع محبّة الله، والاقتبال الكريم ليسوع (القدّيسة مريم العذراء الملكة -
تعليم للبابا بندكتوس 16.)
4-
المحور الرابع: الإنسان والسلام
أ - السلام الداخلي
السلام لا يسود بين الناس ما لم يسد
أولاً في كل منهم، أي ما لم يتقيّد كل منهم بالنظام الذي وضعه الله. أفلا
يقول القديس أوغسطينوس: "هل تريد لنفسك أن تقهر الميول التي فيها؟ فلتخضع
لذاك الذي في العلاء وحينئذ تقهر ما هو أسفل، فيحلّ فيك السلام: السلام
الحقيقي، السلام الصافي، السلام المرتكز على النظام. وما هو النظام الخاص بهذا
السلام؟ الله يسود النفس والنفس تسود الجسد. ليس ما يفوق هذا النظام"
(رسالة البابا يوحنا 23 ، "السلام في الأرض"، عدد88).
ب-
سلام المسيح
السلام الأرضي صورة وثمرة لسلام المسيح، "رئيس السلام" الماشيحانيّ (اش 9/5). فهو بدم
صليبه "قتل العداوة في جسده" (اف2/16)، وصالح الناس مع الله، وجعل من
كنيسته سرّ وحدة الجنس البشري واتحاده بالله. "إنه سلامنا" (اف
2/14). وهو الذي قال "طوبى لفاعلي السلام" (متى5/9) (كتاب التعليم
المسيحي للكنيسة الكاثوليكية عدد 2305).
ج –
نوايا محددة
الصلاة على نية المناطق الساخنة في الشرق الاوسط وفي العالم
وعلى نية سكّانها وذكرها بالأسماء.
خاتمة:
"جئنا لنسجد له" ولنكتشف معاً حضور يسوع الحقيقي في الإفخارستيا، فنحيي
في سنة الإيمان، في بيوت مريم ومزاراتها، وفي شهرها المقدّس، في أيّار، هذا
الاتحاد بينها وبين يسوع. ولأنه ما من أحد كرّس
نفسه لتأمُّل يسوع بهذا القدر من المثابرة مثل مريم (البابا
بندكتوس16)، نوحّد الصّلوات،
معها، في نيّة واحدة، ليحل سلام ينبوع السلام في الشرق الأوسط والعالم، في
الشهر المريميّ الذي لا تخلو رزنامته هذه السنة من الأعياد التي تبدأ بخميس
الصعود فنرتقي في سجودنا الخاشع إلى الآب، وتتحد العائلة وتجدد عهودها لله في عيد
العيلة، فيحلّ الروح القدس في عيد العنصرة كما حلّ على التلاميذ، ونثبت
في المسيح ومعه ونختم سجودنا في خميس القربان. عسى تحلّ الذكرى الخمسين
لرسالة البابا يوحنا الثالث والعشرين "سلام في الأرض"، والمصادفة
بعد شهور قليلة، والمعمورة تملأها روح الله وسلامه.
فلنأت
لحصد النعم من خلال الحج – السجود "جئنا لنسجد له"،
ولبناء علاقة شخصيّة مع يسوع الحيّ، ولنتأمل، كمريم، في لقاء يُلغي المسافات بين
السماء والأرض، بين يسوع والإنسان، فنصبح حقاً وحقيقة خليقة جديدة بالمسيح يسوع.
للمشاركة في "جئنا لنسجد له" يرجى الاتصال بتجمّع خليقة جديدة عبر احدى
الوسائل التالية:
-
هاتف 961 3 257817