Wednesday, 29 April 2015

الإفخارستيّا تبني الرجاء

بقلم الخوري يوسف عسّاف


محبّةُ الله الآب، ونعمةُ الابنِ الوحيد، وشرِكة وحلول الروحِ القدس، مع جميعكم يا إخوتي، إلى الأبد.

1 قور 1/9. "هو الله أمين، دعاكم إلى مشاركة ابنه يسوع المسيح ربِّنا."
1 قور 8/6. "ليس لنا إلاّ إله واحدٌ وهو الآب، منه كلُّ شيء وإليه نصير، وربٌّ واحدٌ وهو يسوع المسيح، به كلُّ شيء وبه نحن أيضًا."
هناك سببان للرجاء: دعانا الله إلى مشاركة ابنه، وهو أمين... لا يسحب دعوته ولا يتراجع عنها؛ ونحن منه وإليه لأنّا خُلِقنا بالمسيح.
من العلاقة مع يسوع وأبيه استمدّ القدّيسون القوّة للتقدّم والثبات في مسيرتهم، مسيرة الحُبّ والبذل.
2 قور 1/19-20. "إنّ ابن الله المسيح يسوع، الذي بشَّرْنا به بينكم، لم يكنْ نعم ولا، بل "نعم" هو الذي تمَّ فيه. إنّ جميعَ مواعدِ الله لها فيه "نعم". لذلك نقول به لله: "آمين"! إكرامًا لمجده."
يسوع هو كلمة متبادَلة بين الله والناس، يقول بها كلّ منهما للآخر: "نعم". فتتحقّق به مواعد الله ويبلغ به الناس كمال الإيمان.
يسوع هو ينبوع رجائنا لأنّه نَعم الله لنا، ونَعمنا لله. فمتى لمسنا فينا الضعف والخجل، نتذكّر أنّ يسوع يقول باسمنا نَعمَه! لذلك نتجاسر على قَول آمين.
2 قور 1/3-7. "3 تَبارَكَ اللّهُ أَبو ربِّنا يسوعَ المسيحِ، أَبو الرَّأفَةِ وإِلهُ كُلِّ عَزاء، 4 فهو الَّذي يُعَزِّينا في جَميعِ شَدائِدِنا لِنَستَطيعَ، بما نَتَلقَّى نَحنُ مِن عَزاءٍ مِنَ الله، أَن نُعَزِّيَ الَّذينَ هُم في أَيَّةِ شِدَّةٍ كانَت. 5فكَما تَفيضُ علَينا آلامُ المسيح، فكَذلِك بِالمسيحِ يَفيضُ عَزاؤنا أَيضًا. 6فإذا كُنَّا في شِدَّة فإِنَّما شِدَّتُنا لِعَزائِكم وخلاصِكم، وإِذا كُنَّا في عَزاء فإِنَّما عَزاؤُنا لِعَزائِكم، فهو يُمَكِّنُكم مِنَ الصَّبْرِ على تِلكَ الآلامِ الَّتي نُعانيها نَحنُ أَيضًا. 7 ورَجاؤُنا فيكُم ثابِت لأَنَّنا نَعلَمُ أَنَّكم تُشارِكوَننا في العَزاءِ كَما تُشارِكوَننا في الآلام."
كما نشترك في آلام المسيح نشترك أيضًا بتعزياته. وسواء كنّا في الضيق أم في التعزية، ففي كِلتا الحالتين نحمل تعزية للمتضايقين.

2 قور 8/1-5. " 1 نُخبِرُكُم، أَيُّها الإِخوَة، بِنِعمَةِ اللهِ الَّتي مَنَّ بها على كَنائِسِ مَقْدونِيَة. 2فإِنَّهُم معَ كَثْرَةِ الشَّدائِدِ الَّتي امتُحِنوا بِها، قد فاضَ فَرَحُهمُ العَظيم وفَقْرُهمُ الشَّديد بِكُنوزٍ مِنَ السَّخاء. 3وأَشهَدُ أَنَّهُم على قَدْرِ طاقَتِهِم، بل فَوقَ طاقَتِهِم وبدافِعٍ مِن أَنْفُسِهِم، 4 سَأَلونا مُلِحِّينَ أَن نَمُنَّ علَيهِم بِالاِشتِراكِ في هذه الخِدمَةِ لِلقِدّيسين. 5فتَجاوَزوا مَا كُنَّا نَرْجوه، فوَهَبوا أَنفُسَهُم لِلرَّبِّ أَوَّلاً، ثُمَّ لَنا بِمَشيئَةِ الله."
نعمةُ الله مُخصِبة، تُحوِّل العقم والمرارة والموت إلى ينابيع حياة كما تحوِّل الشمس العفونة إلى تربةٍ خصبة. هكذا المسيح في ليلة آلامه، رفع أحداث حياته وظروفها إلى الآب بفعل شكر وتسبيح، فتفجّرت الحياة في صميم الألم والموت، والمغفرة في ظلمة الخطيئة وذروتها.
تهيئة القرابين التي يأتي بها الناس. كانت تُقسَم حصصًا: حصّة لحاجات الرسالة، ثانية للفقراء والأرامل وثالثة لخدمة الجماعة والمذبح وخدّامه. فالقربان هو علامة المشاركة. رغم فقرنا الشديد نستطيع أن نعضد مَن هم في ضيق على مثال الصبيّ الذي قدّم ما معه لمَن أشبع الآلاف من بضعة أرغفة وسمكتين. (يو 6/ 1- 15)
نرى اليوم التقادم قد تحوّلت إلى لمّة الصينيّة. التقدمة هي رمز عملنا اليوميّ وعرق وجهنا يتحوّلان بفعل تقدمة المسيح وقوّة الروح القدس إلى ملكوت الله وجسد المسيح.
صحيحٌ أنّ الأرض تنتج لنا حسكًا وشوكًا، فالعامل يشقى من الفجر إلى النجر ولا يجد ما يضمن لعائلته حياةً كريمة. هذا الظلم ليس من طبيعة الحياة بل من صنع الناس، من الجشع والنقص في التضامن. لكنّ الطبيعة لا تزال رغم ذلك تجود بخيراتها... لذلك نرفع تقدمتنا لله الآب بما فيها من خير ومشقّة، عالمين أنّه يستطيع أن يحوّل عمل أيدينا إلى حجارةٍ لبناء ملكوته: أرضًا جديدة وسماءً جديدة.
قبلة السلام
أف 2/11-22. "11 فاذكُروا أَنَّكم بِالأَمس، أَنتُمُ الوَثنِيِّينَ بِالجَسَد، أَنتُمُ الَّذينَ كانَ أَهلُ الخِتانِ يُسَمُّونَهم أَهلَ القَلَف، لأَنَّ جَسَدهم خُتِنَ بِفِعلِ الأَيدي، 12 اُذكُروا أَنَّكم كُنتُم حِينَئذٍ مِن دُونِ المسيح مَفْصولينَ مِن رَعِيَّةِ إِسرائيل، غُرَباءَ عن عُهودِ المَوعِد، لَيسَ لَكم رَجاءٌ ولا إِلهٌ في هذا العالَم. 13أَمَّا الآن ففي المسيحِ يَسوع، أَنتُمُ الَّذينَ كانوا بالأَمْسِ أَباعِدَ، قد جُعِلتُم أَقارِبَ بِدَمِ المسيح.     14 فإِنَّه سَلامُنا، فقَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة وهَدَمَ في جَسَدِه الحاجِزَ الَّذي يَفصِلُ بَينَهما، أَيِ العَداوة ،15وأَلغى شَريعةَ الوَصايا وما فيها مِن أَحكام لِيَخلُقَ في شَخْصِه مِن هاتَينِ الجَماعتَين، بَعدَما أَحَلَّ السَّلامَ بَينَهما، إِنسانًا جَديدًا واحِدًا 16 ويُصلِحَ بَينَهما وبَينَ الله فجَعَلَهما جَسَدًا واحِدًا بِالصَّليب وبِه قَضى على العَداوة. 17 جاءَ وبَشَّرَكم بِالسَّلام أَنتُمُ الَّذينَ كُنتُم أَباعِد، وبَشَّرَ بِالسَّلامِ الَّذينَ كانوا أَقارِب، 18 لأَنَّ لَنا بِه جَميعًا سَبيلاً إِلى الآبِ في رُوحٍ واحِد.      19 فلَستُم إِذاً بَعدَ اليَومِ غُرَباءَ أَو نُزَلاء، بل أَنتُم مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله،20 بُنيتُم على أَساسِ الرُّسُلِ والأَنبِياء، وحَجَرُ الزَّاوِيَةِ هو المسيحُ يسوعُ نَفْسُه. 21فيه يُحكَمُ البِناءُ كُلُّه وَيرتَفِعُ لِيَكونَ هَيكلاً مُقدَّسًا في الرَّبّ، 22 وبِه أَنتُم أَيضًا تُبنَونَ معًا لِتَصيروا مَسكِنًا للهِ في الرُّوح."
كان العالم بالنسبة إلى اليهود مقسومًا اثنين: يهودٌ ووثنيّون، شعب الله والأمم، مختونون وقُلف، قدّيسون وأنجاس... لكنّ المسيح أتى ونقض بجسده جدار العداوة الذي يفصل بين الإثنين ليجمعهما معًا في جسدٍ واحد.
المسيح سلامنا، وهذا السلام الذي أحلّه كلّفه حياته. لذلك قال لنا: "سلامي أُعطيكم، لا كما يُعطيكموه العالم" (يو 14/27).
لم يعد هناك غرباء ولا حتّى ضيوفًا بل صرنا مواطني السماء وأهل بيت الله!
بسبب هذا السلام الذي حقّقه يسوع إذ جمعنا في جسدٍ واحد، نتلو التذكارات بعد استدعاء الروح القدس الذي يحوّلنا جميعًا إلى جسد المسيح الواحد. فالتذكارات ليست مجرّد نوايا من أجل مَن نذكرهم بل هي تذكارٌ يجعلنا نعي وحدتنا مع جميع مَن نذكرهم.

إنتظار تجلّي الربّ
1 قور 1/7-8. "7 حتَّى إِنَّه لا يُعوِزُكم شَيءٌ مِنَ الهِبات، وأَنتُم تَنتَظِرونَ تَجَلِّيَ رَبِّنا يسوعَ المسيح، 8 وهُو الَّذي يُثَبِّتُكُم إِلى النِّهايَة حتَّى تَكونوا بِلا عَيبٍ يَومَ رَبِّنا يسوعَ المسيح."
يُفيض الله الهِبات ويعطي الثبات في انتظار مجيء يوم ربِّنا يسوع المسيح. فنحن لا ننتظر يوم ربّنا مكتوفي الأيدي بل ونحن نستثمر عطايا الله، ثابتون من دون عيب.
ما أمجد يومك يا ربّنا، تأتي فيه بالمجد لتنير غربتنا وتنهيها فتوصلنا إلى الوطن السماويّ. يا لدَهشنا إذّاك لأنّا سنكتشف في النور أنّك لم تفارقنا قطّ، وأنّ الوطن الذي ننتظره يقيم في أعماقنا.
ننتظر مجيئك الثاني كلّنا. هذا الإنتظار نحياه في الرجاء الملتزم. لأنّ الآتي إلينا هو نفسه رفيقنا في حياتنا اليوميّة، وهو سيأخذ ما زرعناه في عالمنا كي يبني به عالمه.
إستجبنا يا ربّ (3)، وليأتِ روحك الحيّ القدّوس ويحلّ علينا وعلى هذا القربان... فيجعل هذا الخبزَ جسدَ المسيح إلهنا، ويحوِّل مزيج هذه الكأس إلى دم المسيح إلهنا؛
ونحن؟؟!!!
2 قور 1/21-22. "إنّ الذي يُثبّتنا وإيّاكم للمسيح، والذي مسحنا هو الله، وهو الذي ختمنا بختمه وجعل في قلوبنا عربون الروح."
يثبّت الله الرسول والمؤمنين، وذلك بمسحة الروح القدس وختمه. هذا الروح هو الذي يصوِّر المسيح فينا كما صوّره في أحشاء مريم، وهو يوحّدنا به ويحوّلنا إلى جسده.
2 قور 3/18. "نحن جميعًا نعكس صورة مجد الربّ بوجوهٍ مكشوفة كما في مرآة، فنتحوَّل إلى تلك الصورة ونزدادُ مجدًا على مجد، وهذا من فضل الربّ الذي هو روح."
الشعبُ السالكُ في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا؛ لأنّك وأنت النور الحقّ قد اخترتَ أن تقيمَ في بشريّتنا فنستنيرَ من داخل ونتحوَّل إلى شموسٍ تُضيءُ في ظلماتِ العالم.

للصلاة الشخصيّة
أف 3/14-21. "14لِهذا أَجْثو على رُكبَتَيَّ لِلآب،15فمِنه تَستَمِدُّ كُلُّ أُسرَةٍ اسمَها في السَّمَاءِ والأَرْض، 16 وأَسأَلُه أَن يَهَبَ لَكم، على مِقدارِ سَعَةِ مجْدِه، أَن تَشتَدُّوا بِروحِه، لِيَقْوى فيكمُ الإِنسانُ الباطِن، 17 وأَن يُقيمَ المسيحُ في قُلوبِكم بالإِيمان، حتَّى إِذا ما تأَصَّلتُم في المَحبَّة وأسِّستُم علَيها، 18 أَمكَنَكم أَن تُدركوا مع جَميعِ القدَّيسين ما هو العَرْضُ والطُّول والعُلُوُّ والعُمق، 19وتَعرِفوا مَحبَّةَ المسيحِ الَّتي تَفوقُ كلَّ مَعرِفة، فتَمتَلِئوا بِكُلِّ ما في اللهِ من كَمَال. 20 ذاكَ الَّذي يَستَطيعُ، بِقُوَّتِه العامِلَةِ فينا، أَن يَبلُغَ ما يَفوقُ كثيرًا كُلَّ ما نَسأَلُه أَو نَتصَوَّرُه، 21 لَه المَجْدُ في الكَنيسةِ وفي المسيحِ يسوع على مَدى جَميعِ الأَجْيالِ والدُّهور. آمين."
1. أضع ذاتي في حضرة الله، وأردّد: يا ربّ، أنت تعرفني، تبحث عنّي وتحبّني!
2. أطلب نعمة: الثبات في الرجاء!
3. أقرأ النصّ عدّة مرّات وأتوقّف عند الكلمة التي تستوقفني.
4. أحوِّل النصّ من مخاطبة مؤمني أفسس إلى مخاطبة الآب، وبدلاً من أهل أفسس أذكر مَن أشاء.
5. الله هو ينبوع كلّ أسرة في السماء وعلى الأرض، هو الأب الحقيقيّ... فكيف أعيش البنوّة له؟
6. أختم بمناجاة ثمّ صلاة لفظيّة.


الخوري يوسف عسّـاف
من كهنة أبرشيّة بيروت المارونيّة
ومن جمعيّــة كهنة برادو الشرق




يندرج هذا المقال ضمن إطارحملة «الحضور الحقيقي»، 
أطلق تجمّع خليقة جديدة، في تشرين الثاني 2014، مستلهماً قول البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني: «أيها المؤمنون، أعيدوا اكتشاف سرّ الإفخارستيّا كنور وقوّة لحياتكم اليوميّة في العالم»، حملة لمدة خمس سنوات لإعادة اكتشاف سرّ الإفخارستيّا، بعنوان: الحضور الحقيقي.
تهدف الحملة الى زيادة معرفة مسيحيّي الشرق الأوسط بحضور يسوع الحقيقي في سرّ الإفخارستيّا. ماذا يعني(هذا السرّ/الحضور)؟ كيف ولماذا يحوّلنا؟ وإبراز ما لهذا الحضور من أهميّة وما لفقدان الإيمان به من تبعات على حياة الكنيسة والمجتمعات وعلى الحياة الروحيّة الخاصّة.

No comments:

Post a Comment